أكثر 10 دول عربية استقراراً سياسياً واقتصادياً

تعتبر مسألة الاستقرار السياسي والاقتصادي من أهم المؤشرات التي تحدد قوة الدول وقدرتها على تحقيق التنمية المستدامة وتحسين حياة شعوبها. في العالم العربي، تختلف مستويات الاستقرار بشكل كبير بين الدول، وذلك بسبب عوامل متعددة تشمل البنية السياسية، الوضع الاقتصادي، التركيبة الاجتماعية، والسياسات الداخلية والخارجية التي تنتهجها كل دولة. في هذا المقال نستعرض أطول تحليل وأعمق رؤية لأكثر 10 دول عربية استقراراً سياسياً واقتصادياً بناءً على مؤشرات عدة مثل مؤشر الحوكمة الرشيدة، مؤشر الفساد، النمو الاقتصادي، تنوع الاقتصاد، الوضع الأمني، ومستوى التنمية البشرية.

1. الإمارات العربية المتحدة

تتصدر دولة الإمارات العربية المتحدة قائمة الدول العربية الأكثر استقراراً سياسياً واقتصادياً، حيث استطاعت خلال العقود الماضية بناء نموذج تنموي ناجح يعتمد على التنويع الاقتصادي بعيداً عن الاعتماد الكلي على النفط. تتميز الإمارات بسياسة داخلية مستقرة وأمن مستدام، إضافة إلى قوة مؤسساتها الحكومية ومرونتها في مواجهة التحديات الاقتصادية العالمية. قطاع السياحة، التجارة، والخدمات المالية المتقدمة تشكل ركائز رئيسية لاقتصاد الإمارات.

تحتل الإمارات مراكز متقدمة في مؤشرات الحوكمة العالمية ومكافحة الفساد، كما أن البيئة الاستثمارية فيها مشجعة بفضل البنية التحتية الحديثة والقوانين المرنة. وتُعد دبي وأبو ظبي من أهم المراكز الاقتصادية العالمية في المنطقة.

2. قطر

تتمتع قطر باستقرار سياسي قوي، حيث تُدار البلاد بنظام حكم أسري مستقر مع رؤية واضحة في التنمية الاقتصادية. تمتلك قطر احتياطيات نفط وغاز هائلة جعلتها من أغنى دول العالم من حيث نصيب الفرد من الناتج المحلي الإجمالي. ركزت الدولة على تنويع اقتصادها عبر استثمارات ضخمة في البنية التحتية، التعليم، والصحة، إضافة إلى تطوير قطاع السياحة والرياضة.

السياسات الاقتصادية القطرية تتسم بالحكمة في إدارة الثروات الوطنية، مما أدى إلى احتفاظها باستقرار مالي وقوة اقتصادية في ظل تحولات إقليمية متسارعة.

3. السعودية

تُعد المملكة العربية السعودية من الدول العربية الأكثر استقراراً سياسياً واقتصادياً، رغم التحديات الكبيرة التي تواجهها. النظام السياسي السعودي يتميز بالاستقرار النسبي، مع وجود رؤية استراتيجية 2030 التي تسعى إلى تنويع الاقتصاد بعيداً عن النفط. وتُعد السعودية أكبر اقتصاد عربي، مع احتياطيات نفطية هائلة تُديرها بشكل استراتيجي.

الاستثمارات في القطاعات غير النفطية كالسياحة، الصناعة، والخدمات تُعزز من استقرار الاقتصاد السعودي. كما أن الإصلاحات الاجتماعية والاقتصادية ساهمت في تعزيز الاستقرار السياسي وجذب الاستثمارات الأجنبية.

4. عمان

سلطنة عمان تتميز بسياسة داخلية مستقرة بقيادة حكيمة مكنت البلاد من الحفاظ على أمنها واستقرارها السياسي. الاقتصاد العماني، رغم اعتماده على النفط، شهد جهوداً حثيثة للتنويع عبر تطوير قطاعات مثل السياحة، الصناعة، والخدمات اللوجستية.

البيئة السياسية في عمان هادئة نسبياً مقارنةً بدول الجوار، مع وجود مؤسسات حكومية متماسكة وأجهزة أمنية فعالة. كما تسعى السلطنة إلى جذب الاستثمارات الأجنبية وتحسين جودة الحياة لمواطنيها.

5. البحرين

تتميز البحرين بصغر حجمها وقربها من الأسواق الخليجية الكبرى، مما يساعد على استقرارها الاقتصادي والسياسي. على الرغم من التحديات السياسية التي شهدتها في الماضي، إلا أن البحرين حافظت على استقرار نسبي من خلال تبني سياسات إصلاحية واستثمارات في قطاعات البنوك والخدمات المالية.

اقتصاد البحرين يعتمد بشكل كبير على القطاع المصرفي والخدمات، وهي من الدول التي تملك بنية تحتية مالية متطورة في الخليج، مما يدعم استقرارها الاقتصادي.

6. الكويت

الكويت دولة ذات استقرار سياسي نسبي واحتياطي نفطي كبير يدعم اقتصادها. نظام الحكم فيها يقوم على مجلس أميري ومجلس وطني له صلاحيات رقابية، مما يتيح نوعاً من المشاركة السياسية مقارنة ببعض دول المنطقة. الاقتصاد الكويتي مستقر نسبياً ويعتمد على النفط، مع خطط واضحة لتنويع الاقتصاد عبر الاستثمار في البنية التحتية والقطاع المالي.

الكويت تحظى بمؤشرات جيدة في مجال الشفافية ومكافحة الفساد، مما يساعد على خلق بيئة استثمارية مستقرة.

7. الأردن

يُعتبر الأردن من الدول العربية التي تتمتع باستقرار سياسي نسبي رغم التحديات الإقليمية التي تحيط به. المملكة الأردنية الهاشمية تمتلك مؤسسات حكومية متينة نسبيًا، ونجحت في الحفاظ على أمنها الداخلي في ظل وجود أزمات إقليمية متكررة. الاقتصاد الأردني يعتمد على قطاعات متعددة مثل السياحة، الصناعة، والخدمات.

تُعد الاستثمارات الدولية والمساعدات الخارجية ركيزة مهمة للحفاظ على استقرار الاقتصاد الأردني، إلى جانب سياسة حكومية تهدف إلى جذب الاستثمارات وتحسين بيئة الأعمال.

8. المغرب

المغرب يتمتع باستقرار سياسي واجتماعي واضح مقارنة بالعديد من دول المنطقة، ويتميز بنظام ملكي دستوري له دور فعال في حفظ الأمن والاستقرار. التنوع الاقتصادي في المغرب واضح من خلال تطوير قطاعات مثل الزراعة، الصناعة، السياحة، والطاقة المتجددة.

الحكومة المغربية تبنت خطط تنموية طموحة ترتكز على تحسين البنية التحتية وتعزيز القدرة التنافسية للاقتصاد الوطني، مما يضمن استمرارية الاستقرار الاقتصادي والسياسي.

9. تونس

رغم التحديات السياسية التي مرت بها تونس عقب ثورات الربيع العربي، إلا أن البلاد حققت تقدماً في مجال الاستقرار السياسي والاقتصادي. تونس دولة ديمقراطية نسبياً مع وجود انتخابات حرة ونظام برلماني. الاقتصاد التونسي متنوع بين الزراعة، الصناعة، والسياحة.

تحسين مؤسسات الدولة والإصلاحات السياسية المستمرة ساعدت في تعزيز الثقة المحلية والدولية، مما انعكس إيجاباً على الاستقرار الاقتصادي.

10. ليبيا (في مناطق معينة)

على الرغم من الأوضاع الصعبة التي مرت بها ليبيا منذ عام 2011، هناك مناطق في البلاد تشهد استقراراً نسبياً من الناحية السياسية والاقتصادية، خاصة في شرق ليبيا وحول بعض المدن الساحلية. تعتمد هذه المناطق على النفط كمصدر رئيسي للدخل، وتعمل على إعادة بناء مؤسسات الدولة تدريجياً.

الاستقرار في هذه المناطق يتطلب استمرار الجهود السياسية والمجتمعية لتحقيق توافق وطني شامل، لكن وجود مناطق مستقرة نسبياً يشكل نقطة انطلاق لإعادة بناء الدولة.

عوامل الاستقرار السياسي والاقتصادي في الدول العربية

الاستقرار السياسي والاقتصادي في الدول العربية يتأثر بعدة عوامل رئيسية، أهمها:

• البيئة السياسية: وجود نظام حكم مستقر ذو شرعية شعبية أو تقليدية يدعم استقرار الدولة.

• الأمن الداخلي: السيطرة على الأمن ومنع النزاعات والصراعات الداخلية.

• التنويع الاقتصادي: تقليل الاعتماد على مصادر دخل محدودة مثل النفط.

• الحكم الرشيد: مؤسسات حكومية شفافة تعمل بفعالية وتكافح الفساد.

• العلاقات الدولية: سياسات خارجية متزنة تساهم في استقرار الوضع الداخلي.

• التنمية البشرية: توفير خدمات صحية وتعليمية جيدة يعزز الاستقرار الاجتماعي.

جدول يوضح أهم المؤشرات الاقتصادية والسياسية لأكثر 10 دول عربية استقراراً

تُظهر هذه الصورة الشاملة أن دول الخليج العربي تتصدر قائمة الدول الأكثر استقراراً من حيث القدرة على إدارة شؤونها السياسية والاقتصادية بكفاءة، تبعها دول شمال أفريقيا والأردن التي تمتلك مؤسسات حكومية قوية نسبيًا وتتمتع بأوضاع مستقرة مقارنة بمحيطها الإقليمي. الاستقرار في الدول العربية يعتمد على رؤية واضحة للسياسات التنموية وتبني إصلاحات اقتصادية وسياسية مستمرة، مع مراعاة السياق المحلي والإقليمي.

مصادر:

• تقرير “مؤشرات الحوكمة العالمية” لعام 2023 – البنك الدولي.

• تقارير التنمية البشرية وبرامج الأمم المتحدة الإنمائية (UNDP).